مستقبل التمويل العقاري في السعودية: البلوكشين والأصول

بدأ قطاع العقارات في المملكة العربية السعودية، في إطار رؤية 2030، يشهد نقلة نوعية في أساليب التملّك، والتمويل، والاستثمار، بفضل تقنيات حديثة مثل البلوكتشين (Blockchain) وتوكنة الأصول (Asset Tokenization)، إلى جانب صعود مفهوم PropTech أو ما يُعرف بـ التكنولوجيا العقارية.
فلم تَعُد العقارات مرتبطة بالأوراق التقليدية والإجراءات المعقّدة فحسب، بل أصبح من الممكن تسجيل العقار، وتمويله، وامتلاكه جزئيًا، بل وبيعه خلال دقائق، من خلال عقود ذكية مبنية على تقنية البلوكتشين. فهل نحن أمام جيل جديد من التمويل العقاري الرقمي؟
في هذا المقال، سوف نتعرّف على دور تقنية البلوكشين في تسجيل وتمويل العقارات، بالإضافة إلى نماذج الملكية الجزئية والاستثمار الجماعي، إلى جانب الفرص المستقبلية في المشاريع العقارية الرقمية.
ما هو البلوكشين العقاري؟
تقنية البلوكتشين، في أبسط تعريف لها، هي دفتر رقمي موزَّع وغير قابل للتلاعب، يتم من خلاله تسجيل العمليات والمعاملات بشكلٍ آمن وشفاف. وعند تطبيقها في مجال العقارات، يمكن الاستفادة منها في:
- تسجيل الملكية العقارية دون الحاجة إلى وسيط
- تنفيذ عمليات نقل الملكية بشكل فوري عبر العقود الذكية
- تتبّع السجل التاريخي الكامل للعقار
- تقليل التكاليف القانونية والإدارية
والنتيجة؟ ملكية موثَّقة رقمياً دون الحاجة إلى أوراق أو تدخلات بيروقراطية معقّدة.
توكنة الأصول العقارية: التملك الجزئي يبدأ من الريال
توكنة الأصول العقارية تعني تحويل أصل عقاري فعلي إلى رموز رقمية (Tokens) يمكن شراؤها أو تداولها عبر شبكة البلوكتشين، بحيث يُمثِّل كل توكن جزءًا من العقار، ومن مميّزات التوكنة ما يلي:
- الملكية الجزئية: يمكن لأي شخص امتلاك جزء من عقار بمبلغ بسيط.
- السيولة: سهولة بيع وشراء الحصص العقارية دون الحاجة إلى بيع كامل العقار.
- الشفافية: جميع البيانات محفوظة ومُثبَّتة على شبكة البلوكتشين.
- سهولة الاستثمار الجماعي: إمكانية مشاركة الأفراد في الاستثمار في مشروع عقاري بكل يُسر.
وفي المملكة العربية السعودية، تُعدّ هذه التقنية بداية لعصر جديد من التمكين المالي، خصوصًا لفئة الشباب، والعائلات، وأصحاب الدخل المتوسط.
كيف ستؤثر البلوكشين على التمويل العقاري التقليدي؟
- تسجيل العقارات إلكترونيًّا
تعمل الجهات المعنيّة في المملكة على تطوير أنظمة تسجيل عقاري رقميّة تعتمد على قواعد بيانات غير قابلة للتلاعب، ممّا يُسهم في الحدّ من النزاعات، ويُعزّز الثقة في السوق العقاري. - التمويل العقاري عبر العقود الذكيّة
من خلال العقود الذكيّة المبنية على تقنيّة البلوكتشين، يمكن إنشاء اتفاقٍ تمويليّ بين البنك والمستفيد يُنفّذ تلقائيًّا عند تحقّق شروط محددة، مثل تحويل الدفعة الأولى أو استيفاء المستندات المطلوبة. - خفض التكاليف
لم يَعُد المستثمر أو المموّل بحاجة إلى وسطاء كُثر (محامين، مكاتب تسجيل، وغيرهم)، ممّا يُسهم في خفض التكاليف ورفع كفاءة الإجراءات. - تتبّع الأصول والضمانات
أصبح بإمكان البنوك وشركات التمويل تتبّع الضمانات العقارية بشكلٍ رقميّ، ممّا يقلّل من المخاطر، ويُعزّز دقّة التحليلات.
ومع تطوّر تقنيات مثل العقود الذكيّة والبلوكتشين، تسعى أريب إلى التكامل مع هذه الأنظمة لتقديم تجربة تمويلٍ أكثر سرعة وأمانًا، وأداء دور الوسيط الأمثل في التمويل، بما يتوافق مع رؤية السعودية 2030 في التحوّل الرقمي الكامل للقطاع العقاري.
PropTech في السعودية: الواقع والتوقعات
يُعدُّ PropTech اختصارًا لمصطلح Property Technology، وهو يشمل استخدام التكنولوجيا الحديثة (كالذكاء الاصطناعي، وتقنية البلوكشين، والبيانات الضخمة، والواقع المعزَّز...) في تطوير وتحسين الخدمات العقارية. وفي المملكة العربيّة السعوديّة، بدأت العديد من الشركات الناشئة والبنوك تبنّي هذه التقنيات، لا سيّما في المجالات الآتية:
- تقييم العقارات آليًّا باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي
- إتمام المعاملات العقاريّة عبر التطبيقات الرقمية
- تتبّع الاستثمارات العقاريّة في الوقت الحقيقي
ورغم الفوائد الكبيرة لهذه التقنيات، لا تزال هناك بعض التحدّيات التي ينبغي التعامل معها، أبرزها:
- الحاجة إلى تنظيمٍ قانوني دقيق لضمان حماية حقوق جميع الأطراف في التوكنات والعقود الذكيّة.
- ثقافة المجتمع، إذ يتطلّب السوق رفع مستوى الوعي لدى الجمهور بمفاهيم الملكيّة الرقميّة.
- دمج تقنيّة البلوكشين مع أنظمة الجهات الرسميّة مثل وزارة العدل، وهيئة عقارات الدولة، وصندوق التنمية العقاريّة.
إلّا أنّه، ومع الجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة في تطوير بنيتها التحتيّة الرقميّة، تُعدّ هذه التحدّيات قابلة للحلّ خلال السنوات القليلة المقبلة بإذن الله.
في الختام،
ما نشهده اليوم في المملكة العربية السعودية يُمثّل بداية لثورة رقمية في قطاع العقارات، تعيد تعريف مفاهيم التملّك، والتمويل، والاستثمار.ومع نضوج تقنيات مثل البلوكشين وتوكنة الأصول، وازدياد حضور تقنيات PropTech في السوق، تبرز منصّات مثل أريب كأداة فعّالة تُعين المواطن والمستثمر على الوصول إلى حلول تمويل عقاري رقمية تتّسم بمزيد من العدالة، والشفافية، والكفاءة.
إنّ هذه المنظومة الرقمية الجديدة تمهّد الطريق نحو بيئة عقارية ذكية، تُواكب طموحات المملكة التقنية والاقتصادية.